10 June 2008

الانتخابات النيابية عام 2009


مارون ناصيف -

مع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد فراغ رئاسي دام حوالى ستة أشهر، تتحول أنظار اللبنانيين مجدداً صوب الانتخابات النيابيّة، كمدخل كانت المعارضة منذ البداية تراهن عليه لإعادة تكوين السلطة. وعلى رغم أن المدة الفاصلة عن هذا الإستحقاق تقارب ال 11 شهراً يبدو أن المعركة الإنتخابية المقبلة التي فُتحت أبوابها على مصراعيها خلال مؤتمر الدوحة طاحنة بإمتياز ويمكن أن تقلب المعادلة السياسية في لبنان رأساً على عقب على أن يبقى ذلك رهناً للتحالفات الإنتخابية وحسابات الأحجام في هذه الدائرة أو تلك والتي تحسمها صناديق الإقتراع ولوائح الشطب والفرز.

وعشية عقد الجلسة التشريعية لإقرار مشروع قانون الانتخابات الذي تم التوافق عليه في الدوحة، والذي يرتكز على قانون 1960 وإعتماد القضاء دائرة إنتخابية على أن تقسّم محافظة بيروت الى ثلاث دوائر انتخابية ماذا يقول الباحث السياسي والخبير في النظم الإنتخابية عبدو سعد عن إقرار هذا القانون، وكيف يرى رئيس مركز بيروت للأبحاث النتائج التي ستصدر عن معركة أيار- حزيران 2009 الإنتخابية، وماذا عن خارطة التحالفات والمصالح، وهل هناك من متضررين أو مستفيدين من هذا القانون؟

سعد يعتبر أن شهر أيلول المقبل سيشهد الإنطلاقة الحقيقية لمعركة عام 2009 النيابية التي من المرجّح أن ينتج عنها أكثرية في المجلس النيابي للمعارضة أي تحالف التيار الوطني الحر- حزب الله - حركة أمل – تيار المرده-حزب الطاشناق - وغيرهم من الشخصيات السياسية الحليفة للمعارضة. وستتوزع المقاعد على الشكل التالي:

19 مقعداً للمعارضة في جبل لبنان
22 مقعداً للمعارضة في الجنوب
17 مقعداً للمعارضة في البقاع
7 مقاعد للمعارضة في الشمال
ومقعدان مضمونان في بيروت.

هذا بإستثناء نتائج الدائرة الأولى في بيروت والتي ستشهد منافسة من الصعب التكهن بنتائجها إلا قبل الإنتخابات بشهرين خصوصاً أن نسبة الإقتراع السابقة في هذه الدائرة أي في إنتخابات عام 2005 ليست المعيار الصحيح الذي يجب إعتماده. وبحسب سعد العامل الذي سيقرر نتيجة هذه الدائرة هو نسبة المشاركة خصوصاً وأن ناخبي الأشرفيه لم ينتخبوا منذ عام 1972 في ظل القوانين المتعاقبة منذ العام 1992 مرورًا بقانون ال 2000 الذي كان يهمش أصواتهم ويتوقع سعد أن تكون نسبة الإقتراع عند المسيحيين في هذه الدائرة مرتفعة جدا قياسًا إلى نسبة المشاركة السابقةً.

إذاً بحسب توقّعات سعد ستنال المعارضة في معركة عام 2009 النيابية 67 مقعداً فيما تكون حصة الموالاة 56 مقعداً من اصل 123 مقعداً من دون المقاعد الخمسة الخاصة بالدائرة الأولى في بيروت.

جبيل وكسروان وبعبدا وجزين "قلاعٌ عونية"

التيار الوطني الحرّ هو المستفيد الأول من القانون الجديد خصوصاً وأنه ينطلق في حساباته من أقضية جبيل وكسروان وبعبدا وجزين التي تعتبر بمثابة "القلاع العونية" التي تشكل نقاط إرتكازه هذا بالإضافة الى الأرجحية المنطقية في المتن الشمالي التي ستحسمها في نهاية المطاف خريطة التحالفات الإنتخابية.

وبناءً على قراءة سعد ولكن من دون أي إستطلاعات، فشعبية التيار الوطني الحر إرتفعت بعد إتفاق الدوحة داخل الشارع المسيحي خصوصاً وأنه ظهر بما لا يقبل الشك كالمدافع الأول عن المسيحيين وهو الذي أعاد حقوقهم لا سيما في بيروت بينما حاول مسيحيو فريق الموالاة نسف قانون العام 1960 الإنتخابي.

ضربة قاضية للقوات والكتائب

أكبر المتضررين من هذا القانون هم القوات اللبنانية والكتائب كذلك فريق قرنة شهوان. فالقوات بحسب سعد لا تستطيع بإستثناء قضاء بشري أن تفوز بمقاعد نيابية او أن تنافس حتى في شكل جدي لا في الجبل ولا في الجنوب أو حتى في البقاع هذا فضلاً عن أن أحداً لا يعرف مدى قدرتهم على المنافسة في الدائرة الأولى في بيروت على المقعد الماروني.

في قضاء الكورة قد تستطيع القوات إختراق لائحة المعارضة بمقعد واحد. وهذا يعني أن الكتلة النيابية القواتية سيقلّ عددها عما هو اليوم في إنتخابات 2009 إلا إذا إستطاع تيار المستقبل حمل مرشحي القوات على لوائحه كذلك الحزب التقدمي الإشتراكي.

كتلة المستقبل بين عكار وبيروت

لا تشير نتائج الإستطلاعات في عكار الى تغييرات في النتائج المقبلة حتى اللحظة نظرا لغياب المنافسين الجديين لتيار المستقبل وإذا أراد الرئيس عصام فارس العودة الى الساحة السياسية في شكل جدي فيجب عليه أن يعود بسرعة الى لبنان ليتواصل مجدداً مع الشعب العكاري ويبني تحالفات متينة تسمح له بالتنافس مع أخصامه في هذه المنطقة المتروكة من الدولة منذ زمن طويل.

ويعتبر سعد أن كتلة المستقبل تنطلق من 12 مقعداً في بيروت وعشرة مقاعد في الشمال كحدّ أدنى وستة مقاعد في البقاع الغربي ومقعد واحد في الجنوب ومقعد واحد جبل لبنان إضافة الى مقعدين أو ثلاثة في طرابلس.

بشائر تحالف كرامي - ميقاتي - الصفدي في طرابلس

تشير الإستطلاعات التي أجراها مركز بيروت للأبحاث قبل الأحداث الأخيرة الى إختراق سيسجل في لائحة تيار المستقبل في طرابلس ويقول سعد في هذا المجال "لن تكون النتائج في طرابلس كما كانت عليه في السابق وكل ذلك يقوم على التحالفات التي ستبنى، خصوصاً أن الإستطلاعات الأخيرة كشفت أن مناصري الرئيس نجيب ميقاتي صوتوا عام 2005 لصالح لائحة تيار المستقبل". وينقل سعد عن مصادر طرابلسية مطلعة ومواكبة لحركة التحالفات التي بدأت تنسج من اليوم في عاصمة الشمال أن لائحة ثانية بدأت تظهر ملامحها وتتركز بشكل رئيسي على تحالف الرئيسين عمر كرامي عبر إبنه فيصل ونجيب ميقاتي. وإذا إستطاع الرئيسان كرامي وميقاتي أن يتفقا مع التكتل الطرابلسي وتحديداً الوزير محمد الصفدي على تشكيل لائحة موحّدة، ستصبح الأمور صعبة جداً على تيار المستقبل ليس للفوز في اللائحة بل للتمثّل في هذه الدائرة.

سلبيات القانون

لا يوجد مستفيد جدي من قانون 1960 الذي يمنع إقامة الدولة بحسب رئيس مركز بيروت للأبحاث لأن لبنان كله سيخسر في إعتماده. فسيادة الدولة بحسب سعد يجب ان تأتي من الشعب وفي لبنان ليس هناك من تطبيق لهذا المبدأ إلا في مؤسسة الجيش اللبناني. كذلك يُبقي هذا القانون على الواقع اللبناني الراهن ويُرسي مبادئ التخلف السياسي إذا لم يسعى الجميع الى تغييره في الدورة القادمة أي في البرلمان الجديد.ويؤكد سعد أن هذا القانون لا يؤمن صحة التمثيل وأن طموحه كمواطن لبناني يكمن في إعتماد نظام النسبية على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة لأن بناء الدولة والوطن لن يكون يوماً في النظام الأكثري الذي ينتج عدالة منقوصة بل في النظام النسبي.

وأبدى سعد اسفه لعدم طرح المعارضة، وتحديداً التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، نظام النسبية في شكل جدي في مؤتمر الدوحة، إلا بطريقة خجولة نوعاً ما مشدداً على الفارق بين بين طرح القانون وتبنيه. وتمنى أن تدرج المعارضة على برنامجها الإنتخابي المقبل قانون النسبية كبند أول.

1 comment:

Anonymous said...

ممتاز آخر. استمتعت حقا قراءة بلوق وظيفة الخاص بك.