10 June 2008

ضباط 13 تشرين


اذا كانت جميع القوى اللبنانية قد اعترفت بممارسة اخطاء بظل الوصاية السورية, فهل يجوز الاستمرار بالنهج ذاته؟ ضباط وعسكريو 13 تشرين الاول 1990 من ضحايا تلك الاخطاء بل الخطايا إذ تعرضوا لكل أشكال التنكيل والتعذيب والتهديد والإكراه وسلب الحقوق. فهل سترد الدولة إليهم اعتبارهم وحقوقهم المعنوية والمادية ؟ أما الضباط والعسكريون الشهداء فحقهم الوحيد الذي به يطالبون هو بناء الدولة السيدة التي تحمي استقلالها, فلا تكون مبادئ الحرية والسيادة والاستقلال مجرد شعارات للاستهلاك السياسي.

الاجتياح

قبل اجتياح 13 تشرين الاول 1990 بيوم واحد, حصل اجتماع لضباط الوحدات. كانوا يعرفون أنه ما من ذخيرة كافية إضافة الى إصابات كثيرة بين العسكريين. وقرروا المقاومة حتى آخر طلقة, وهذا ما حصل.
وقد دخل الجيش السوري الى القصر الجمهوري في بعبدا ووزارة الدفاع في اليرزة واقتادوا عشرات الضباط والعسكريين الى المعتقلات السورية.

ويروي العميدان فايز كرم وفؤاد الاشقر انهما نُقلا الى سجن المزة برفقة بعض الضباط.3
ويقول كرم إنهم كانوا سبعة ضباط في سجن المزة فوُضع كل منهم في زنزانة حيث لا ضوء ولا كتاب. وقد بقوا على هذه الحال أشهرا. وفي المرحلة الأخيرة نُقل أربعة منهم الى زنزانة واحدة.
وقبل الافراج عنهم بأسبوع زارهم العميد أحمد شديد من القيادة في بيروت وأبلغهم أنه صدر قانون(27 / 90) يعطي مهلة ثلاثة أشهر لكل ضابط للتقدم باستقالته, والمهلة قاربت على نهايتها. وحذرهم من أن للقيادة الحق بإقالة أي ضابط يرفض أن يستقيل فقدموا استقالاتهم وخرجوا من السجن.

ويتابع كرم: "حين خرجت من السجن قدمت طعنا بالاستقالة واعتبرت أن أي وثيقة موقعة داخل السجن تكون غير شرعية". وقد حصل كرم مؤخرا على حكم قضائي يعتبر استقالته وكأنها لم تكن. أما تعويضاته فتنتظر تشكيل حكومة شرعية لأن مراسيم التنفيذ تحتاج الى توقيع كل من وزيري الدفاع والمالية ورئيسي الحكومة والجمهورية.

أما الأشقر فيقول : " بعد خروجي من السجن قدمت طلب عودة عن الاستقالة بسبب الاجحاف الذي لحق بي. سُرحنا من الجيش ولم يُستجب طلبي وحتى اليوم لم تعد إلينا حقوقنا".
و حصل الأشقر عام 1998 على حكم صادر عن مجلس شورى الدولة بإلغاء الإستقالة ولكن قيادة الجيش ردته وطالبت بإعادة المحاكمة, وصدر مؤخرا حكم لصالحه.

قصة أخرى ورؤية مختلفة

للنائب العميد شامل موزايا قصة اخرى ورؤية مختلفة. يقول موزايا إنه صمم على الاستقالة وهو في سجن المزة. وما كان لأحد أن يجبره على الاستقالة, إلا أنه لن يخدم في ظل الوجود السوري.

ويروي طريقة وصوله الى سجن المزة فيقول: " ذهبت للتفاوض مع السوريين من أجل إعادة جرحى من الجيش اللبناني, فصرت في المزة. لم تكن طريقة جيدة بحقهم كضباط كبار بأخذ من ذهب للتفاوض معهم الى السجن. كانت هناك موافقة من قيادة الجيش على مسألة التفاوض, وكان معي ضابطان, فصرت وحدي وهما عادا".
رأي السنيورة وردّ كنعان

قدم النائب ابراهيم كنعان سؤالا الى الحكومة في 15 حزيران 2006 عن إجبار بعض الضباط والعسكريين على تقديم استقالاتهم بطرق غير شرعية بعد 13 تشرين الاول 1990.

وكان جواب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أنه "لدى استطلاع رأي وزارة الدفاع الوطني عن الموضوع أفادت بالآتي: إنه لا يمكنها الجزم سلبا أو إيجابا بممارسة أي ضغوط على الضباط والعسكريين في حينه ".
وتساءل كنعان : هل كان الضباط السجناء على علم بالقانون 27 / 90 حين وقعوا استقالاتهم؟ وهل هناك جزم اكبر من وضع ضابط في سجن كدليل بممارسة ضغوط في حقه ؟ ويقول إن السنيورة يعترف ضمنا في رده بعدم صحة القانون.

فئات الضباط المسلوبة حقوقهم

قُسّم ضباط وعسكريو 13 تشرين الى ثلاث فئات:
1. الفئة الأولى : أجبرت على تقديم استقالاتها في السجون السورية. ومن بين هؤلاء العميدان فايز كرم وفؤاد الأشقر اللذين تقدما بالطعن على اعتبار أن الإستقالة غير شرعية.
2. الفئة الثانية: أرسلت استقالاتها من خارج لبنان. وقد أعطي العسكريون مأذونيات لمغادرة لبنان بعدما أُفهموا بعدم الرغبة بوجودهم. وبعد صدور القانون 27 / 90 القاضي بتقديم الضباط استقالاتهم في مهلة ثلاثة أشهر كانوا أمام خيار من ثلاثة: إما العودة الى لبنان ما يعرضهم لدخول السجن, وإما البقاء في الخارج فيعتبرون متخلفين ويصرفون من الجيش, وإما تقديم الاستقالة عملا بالقانون 27 / 90 .
3. الفئة الثالثة: بقيت في مراكز خدمتها وتعرضت لأبشع أنواع الضغوط والتهديدات حتى أجبرت على الاستقالة.

يقول رئيس مجلس شورى الدولة السابق يوسف سعد الله الخوري إن الإستقالة يجب أن تكون طوعية كي تكون شرعية, وما بني على الإكراه فهو باطل ويجب الطعن به.

ولفت النائب ابراهيم كنعان في حديث لصحيفة النهار الى مشروع القانون الذي ينوي تقديمه يتجاوز المهل ويطلب مساواة الضباط بزملائهم .

إن الإجحاف الذي لحق بضباط وعسكريي 13 تشرين الاول 1990 ما زادهم إلا قوة وعزيمة للاستمرار في النضال. لكن ما وصلوا إليه لا يلغي أن لهم حقوقا معنوية ومادية لدى الدولة عليها ردها بعد أن فقدت ذريعة أن لا سلطة بيدها وأن البلاد تحت سلطة الوصاية. فالدولة السيدة لا تبخس الجيش حامي السيادة والاستقلال حقه.
3

انتحاري «التعمير» خليجي «وشخصية مهمة» على الأرجح ... و«السفارات» تنهال بالاستفسار عنه




وفق المعلومات المتوافرة، فإن عناصر حاجز الجيش في منطقة التعمير التحتاني، رصدوا شخصاً يهرول باتجاههم، فاقتربوا منه وطلبوا منه أوراقه، وما أن مد يده الى سترته، حتى وقعت في الأرض، حلقة معدنية، فسارع العناصر للابتعاد عنه وطلبوا منه الانبطاح أرضاً تحت طائلة إطلاق النار باتجاهه، ولكنه بدل ذلك حاول جس جسم ما في صدره، فسارع عناصر الحاجز لإطلاق النار باتجاهه ما أدى الى سقوطه صريعاً.
وبعد التدقيق بجثة القتيل، تبين أنه يلف نفسه، بحزام ناسف يحتوي على 2 كلغ من مادة الـ«تي ان تي»، قام خبير عسكري بتعطيله، وبعد تفتيش أوراقه، تبين أنه يحمل هوية فلسطينية باسم محمود ياسين الأحمد (28 سنة) من مخيم البص (صادرة عن الأونروا)، وبعد التدقيق في المخيم المذكور بالاسم، تبين أن لا وجود له في القيود، كما جرى تدقيق الأمر في مخيم عين الحلوة، وسارعت جميع الفصائل الى إبلاغ الجهات الأمنية اللبنانية أن لا وجود لأحد يحمل الاسم المذكور وأن هويته مزورة مئة في المئة. ولعل السؤال الأول الذي تبادر الى الذهن بعد حادثة التعمير، هو الآتي: من هي هذه الشخصية المهمة التي قررت الخروج من المخيم، في ظل احتياطات واضحة، بأنه سيكون أمام أحد احتمالين لا ثالث لهما، إما النجاح بالفرار أو أن يفجر نفسه في حال جرت محاولة لإلقاء القبض عليه؟

وفيما تكتمت قيادة الجيش اللبناني، على مسألة ما اذا كان العثور معه على وثائق قد تدينه وتكشف هويته وهوية آخرين، كان يتعاون معهم سواء في لبنان أو في الخارج، وتحديداً في العراق، فإن المتابعات الأمنية والسياسية وخاصة من بعض قيادات مدينة صيدا، بيّنت أن لا استنفارات داخل بعض المجموعات السلفية المعروفة داخل المخيم، غير أن الأمر الذي بدا مثيراً للجدل وأعطى للأمر أهمية أكبر مما حصل، هو حجم الاستفسارات التي جرت من قبل جهات دبلوماسية عربية وأجنبية من أجل التعرف على هوية القتيل الذي تردد أنه يعمل ضمن «خلية نائمة» تلقت مؤخراً الأمر من قيادة «القاعدة» للانتقال الى العراق! وعلمت «السفير» استنادا الى مصادر طبية لبنانية اطلعت على بعض الفحوص للجثة التي نقلت الى المستشفى العسكري في بيروت، ان القتيل في بداية العقد الثالث من عمره وهو ليس فلسطينيا ولا لبنانيا، «بل خليجي على الأرجح».

ومن المتوقع أن تبادر الجهات المعنية الى اجراء فحوصات للجثة من أجل معرفة الـ«دي ان ايه» وكذلك المقارنة بينها وبين صور أو رسوم بعض المطلوبين سواء من الدولة اللبنانية أو «الانتربول» أو بعض الدول.
وجاءت حادثة التعمير في عين الحلوة، بعد ساعات من انفجار عبوة ناسفة عند حاجز الجيش اللبناني في منطقة العبدة في عكار، حيث استشهد أحد جنود الجيش، كما تزامنت مع اشتباك داخل مخيم الرشيدية قرب صور استخدمت خلاله الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.

تسع سنوات على اغتيال القضاة الأربعة لماذا تهمل الدولة التحقيق؟




قتلة الرئيس حسن عثمان والمستشارين عماد شهاب ووليد هرموش والمحامي العام الاستئنافي القاضي عاصم أبو ضاهر ما زالوا مجهولين، فالتحقيق الجنائي بطيء. إذ لم تبذل الدولة المجهود الكافي لتحقيق العدالة رغم كون الضحايا جسد السلطة المسؤولة عن تحقيق العدالة. لكن مهما بطؤ التحقيق فلن يكون أبطأ من آلام عائلات شهداء القضاء

سوزان هاشم -

صحيفة الأخبار

تسعة حزيران 2008

تطفئ ذكرى اغتيال القضاة الأربعة في صيدا شمعتها التاسعة هذا العام، هذه الجريمة التي استهدفت الجسم القضائي في لبنان لتنال من قضاة تعذّر مساومتهم على مبادئ العدالة وحكم القانون، لم تحظَ بأي جديّة تذكر، فالتحقيقات لم تقدم حتى الآن أي حقائق ملموسة حول هوية الجناة الذين لا يزالون أحراراً يرزقون، فهل سيُدَشّن هذا العهد الجديد بإصلاحات قضائية من شأنها اعتماد الجدية في التحقيقات القضائية من أجل الوصول إلى الحقيقة بشأن الكثير من الملفات التي تعجّ بها أدراج المحاكم، ولا سيما قضية اغتيال القضاة الأربعة؟ يرحل محقّق عدلي ويأتي آخر والنتيجة تراوح مكانها، هذا هو حال ملف اغتيال القضاة الأربعة في صيدا؛ هذه الجريمة التي وقعت في وضح نهار الثلاثاء في 8 حزيران 1999، لتنال من أعضاء هيئة محكمة جنايات لبنان الجنوبي على قوس محكمتهم، لا يزال الغموض يكتنفها. فبعد أن تسلّم المحقق العدلي رشيد مزهر من خلفه المرحوم منيف عويدات ملف القضية لم يحرز المحقق الجديد تقدم جدّي في هذا الملف، بيد أنه قام أخيراً بتسطير استنابة قضائية إلى الأجهزة الأمنية للاستقصاء وجمع معلومات عن شخصين ومعرفة هويتهما، وعُلم أنهما ينتميان إلى تنظيم غير لبناني، كما توافرت معلومات تشير إلى أن منظمة فتح سلّمت إلى مديرية المخابرات في الجيش أحد المشتبه فيهم بتهمة الإرهاب، يقال إن علاقة تربطه بملف اغتيال القضاة الأربعة في صيدا.

الجريمة اللغز

«إذا توصّل العالم إلى حقيقة اغتيال الرئيس كينيدي، فهناك أمل بالوصول إلى حقيقة اغتيال القضاة الأربعة في صيدا»، هذا ما يراه الشيخ ماهر حمود، مردفاً بأن «الصدفة وحدها التي يمكن أن توصل إلى هوية الجناة»، مذكراً بملفات الاغتيال السابقة في تاريخ لبنان. ويقول ذلك بعدما دحضت المعلومات التي كان يملكها عن هذا الملف، والتي استقاها من الشهيد محمود المجذوب قبل استشهاده، فلقد تم «التحقيق» مع الشخص المشتبه فيه (وهو لبناني الجنسية) من قبل حمود واتضح أنه غير معنيّ بهذا الملف. ويشير حمود إلى أن هذه الجريمة ارتكبت من أجل ترهيب أهل جزين وذلك بعدما تزامنت وتحرير منطقة جزين من الاحتلال الإسرائيلي. فيما يرى رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد أن هذه الجريمة جاءت بعدما كلّف رئيس المحكمة الشهيد حسن عثمان بالتحقيق في قضية محاولة اغتيال المرحوم مصطفى سعد، ويعتبر أن التحقيق في هذا الملف لم يحظَ بالجدية المطلوبة وأن كشف الجناة ليس مستحيلاً إذا أرادت السلطات اللبنانية ذلك، وينتقد سعد عناصر الحماية الأمنية حينها التي لم تكن تقدم دورها في حماية القضاة. ومن جهة أخرى، فإن السلطات اللبنانية لم تتوانَ عن اتهام «عصبة الأنصار» بضلوعها في الجريمة وذلك كردة فعل على الأحكام التي كانت قد صدرت بحقهم حينها، بيد أن «عصبة الأنصار» نفت ذلك.

مبنى ساقط أمنياً

شكّل مبنى قصر العدل القديم لقمة سائغة أمام القتلى، إذ لم تواجههم حينها أي عثرة في طريقهم لتنفيذ مخططهم، مستغلّين الثغر الأمنية التي تعتريه؛ فناهيك عن أن المبنى يقع على طرف الوسط التجاري في صيدا، ويلاصق موقف السيارات والباصات العمومية، فإن الحراسة الأمنية لم تكن كما يجب، وفي هذا الإطار يتحدث المحامي سالم سليم، الشهيد الحيّ الذي نجا من الجريمة «بأن مسلحَين دخلا من الجهة الخلفية للمبنى عبر موقف السيارت التابع له، ومن دون مواجهة أي عائق أمني قاما بفتح النار من مسدّسيهما الحربيين نحو داخل المحكمة عبر نافذتها». ويستغرب سليم هنا «كيف لمحكمة الجنايات أن يكون موقعها في الطابق الأرضي؟ ثم أين الحراسة الأمنية التي ينبغي أن تكون مؤمّنة عند مدخل الموقف؟»، كما إن هناك تقصيراً فادحاً من الجهات الأمنية بعد حصول الجريمة. إذ استطاع الجانيان أن يفرّا بسهولة تامة ويتواريا عن الأنظار دون أن يقعا تحت القبضة الأمنية. كما إن وسائل الإعلام كانت موجودة قبل وصول سيارات الإسعاف». ويشير سليم إلى أنه لم يتم استجوابه من قبل المحقق العدلي كشاهد في مسرح الجريمة، وقد بادر برفع دعوى ضد مجهول لتحصيل حقه الشخصي. وينتقد سليم الموقف الرسمي تجاه هذه القضية، ويقول «لولا نقابة المحامين «أمّ الصبيّ» لما كان حتى الاحتفال السنوي بذكرى استشهادهم يقام».

جرح لا يلتئم

طلقات عدة من الرصاص اخترقت جسد كل من الرئيس حسن عثمان والمستشارين: عماد شهاب، وليد هرموش والمحامي العام لدى النيابة العامة الاستئنافية القاضي عاصم أبو ضاهر، كانت كفيلة بأن تخطف نور البهجة من عائلات كل هؤلاء الشهداء لتطبع ندبة اللوعة والحزن في قلوبهم، ولأنه وبحسب أحد ذوي عائلات الشهداء «لا نستطيع أن نبوح بمشاعرنا لغيرنا»، آثرت هذه العائلات التمسك بالصمت، «فالجرح عميق جداً ومن الصعب علينا أن نعبر عنه ببضع كلمات، ولقد سبق أن رفعنا الصوت عالياً ولكن من دون جدوى، وما يضاعف قلوبنا حزناً هو عدم التوصل حتى إلى أي نتائج ملموسة»، علماً بأنه منذ حوالى شهرين ونصف شهر قامت أرامل الشهداء بزيارة المحقق العدلي الجديد الذي أكد لهنّ بأن التحقيق جارٍ بجدّية من دون أن يقدم معطيات أو وقائع جديدة تتعلق بهذا الملف. فهل سيتوصل القضاء إلى خيوط ما في هذه الجريمة أم سيظلّ هذا الملفّ لغزاً ويذهب دم الشهداء هدراً، مصيرهم كمصير غيرهم الكثير من شهداء لبنان؟

الانتخابات النيابية عام 2009


مارون ناصيف -

مع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية بعد فراغ رئاسي دام حوالى ستة أشهر، تتحول أنظار اللبنانيين مجدداً صوب الانتخابات النيابيّة، كمدخل كانت المعارضة منذ البداية تراهن عليه لإعادة تكوين السلطة. وعلى رغم أن المدة الفاصلة عن هذا الإستحقاق تقارب ال 11 شهراً يبدو أن المعركة الإنتخابية المقبلة التي فُتحت أبوابها على مصراعيها خلال مؤتمر الدوحة طاحنة بإمتياز ويمكن أن تقلب المعادلة السياسية في لبنان رأساً على عقب على أن يبقى ذلك رهناً للتحالفات الإنتخابية وحسابات الأحجام في هذه الدائرة أو تلك والتي تحسمها صناديق الإقتراع ولوائح الشطب والفرز.

وعشية عقد الجلسة التشريعية لإقرار مشروع قانون الانتخابات الذي تم التوافق عليه في الدوحة، والذي يرتكز على قانون 1960 وإعتماد القضاء دائرة إنتخابية على أن تقسّم محافظة بيروت الى ثلاث دوائر انتخابية ماذا يقول الباحث السياسي والخبير في النظم الإنتخابية عبدو سعد عن إقرار هذا القانون، وكيف يرى رئيس مركز بيروت للأبحاث النتائج التي ستصدر عن معركة أيار- حزيران 2009 الإنتخابية، وماذا عن خارطة التحالفات والمصالح، وهل هناك من متضررين أو مستفيدين من هذا القانون؟

سعد يعتبر أن شهر أيلول المقبل سيشهد الإنطلاقة الحقيقية لمعركة عام 2009 النيابية التي من المرجّح أن ينتج عنها أكثرية في المجلس النيابي للمعارضة أي تحالف التيار الوطني الحر- حزب الله - حركة أمل – تيار المرده-حزب الطاشناق - وغيرهم من الشخصيات السياسية الحليفة للمعارضة. وستتوزع المقاعد على الشكل التالي:

19 مقعداً للمعارضة في جبل لبنان
22 مقعداً للمعارضة في الجنوب
17 مقعداً للمعارضة في البقاع
7 مقاعد للمعارضة في الشمال
ومقعدان مضمونان في بيروت.

هذا بإستثناء نتائج الدائرة الأولى في بيروت والتي ستشهد منافسة من الصعب التكهن بنتائجها إلا قبل الإنتخابات بشهرين خصوصاً أن نسبة الإقتراع السابقة في هذه الدائرة أي في إنتخابات عام 2005 ليست المعيار الصحيح الذي يجب إعتماده. وبحسب سعد العامل الذي سيقرر نتيجة هذه الدائرة هو نسبة المشاركة خصوصاً وأن ناخبي الأشرفيه لم ينتخبوا منذ عام 1972 في ظل القوانين المتعاقبة منذ العام 1992 مرورًا بقانون ال 2000 الذي كان يهمش أصواتهم ويتوقع سعد أن تكون نسبة الإقتراع عند المسيحيين في هذه الدائرة مرتفعة جدا قياسًا إلى نسبة المشاركة السابقةً.

إذاً بحسب توقّعات سعد ستنال المعارضة في معركة عام 2009 النيابية 67 مقعداً فيما تكون حصة الموالاة 56 مقعداً من اصل 123 مقعداً من دون المقاعد الخمسة الخاصة بالدائرة الأولى في بيروت.

جبيل وكسروان وبعبدا وجزين "قلاعٌ عونية"

التيار الوطني الحرّ هو المستفيد الأول من القانون الجديد خصوصاً وأنه ينطلق في حساباته من أقضية جبيل وكسروان وبعبدا وجزين التي تعتبر بمثابة "القلاع العونية" التي تشكل نقاط إرتكازه هذا بالإضافة الى الأرجحية المنطقية في المتن الشمالي التي ستحسمها في نهاية المطاف خريطة التحالفات الإنتخابية.

وبناءً على قراءة سعد ولكن من دون أي إستطلاعات، فشعبية التيار الوطني الحر إرتفعت بعد إتفاق الدوحة داخل الشارع المسيحي خصوصاً وأنه ظهر بما لا يقبل الشك كالمدافع الأول عن المسيحيين وهو الذي أعاد حقوقهم لا سيما في بيروت بينما حاول مسيحيو فريق الموالاة نسف قانون العام 1960 الإنتخابي.

ضربة قاضية للقوات والكتائب

أكبر المتضررين من هذا القانون هم القوات اللبنانية والكتائب كذلك فريق قرنة شهوان. فالقوات بحسب سعد لا تستطيع بإستثناء قضاء بشري أن تفوز بمقاعد نيابية او أن تنافس حتى في شكل جدي لا في الجبل ولا في الجنوب أو حتى في البقاع هذا فضلاً عن أن أحداً لا يعرف مدى قدرتهم على المنافسة في الدائرة الأولى في بيروت على المقعد الماروني.

في قضاء الكورة قد تستطيع القوات إختراق لائحة المعارضة بمقعد واحد. وهذا يعني أن الكتلة النيابية القواتية سيقلّ عددها عما هو اليوم في إنتخابات 2009 إلا إذا إستطاع تيار المستقبل حمل مرشحي القوات على لوائحه كذلك الحزب التقدمي الإشتراكي.

كتلة المستقبل بين عكار وبيروت

لا تشير نتائج الإستطلاعات في عكار الى تغييرات في النتائج المقبلة حتى اللحظة نظرا لغياب المنافسين الجديين لتيار المستقبل وإذا أراد الرئيس عصام فارس العودة الى الساحة السياسية في شكل جدي فيجب عليه أن يعود بسرعة الى لبنان ليتواصل مجدداً مع الشعب العكاري ويبني تحالفات متينة تسمح له بالتنافس مع أخصامه في هذه المنطقة المتروكة من الدولة منذ زمن طويل.

ويعتبر سعد أن كتلة المستقبل تنطلق من 12 مقعداً في بيروت وعشرة مقاعد في الشمال كحدّ أدنى وستة مقاعد في البقاع الغربي ومقعد واحد في الجنوب ومقعد واحد جبل لبنان إضافة الى مقعدين أو ثلاثة في طرابلس.

بشائر تحالف كرامي - ميقاتي - الصفدي في طرابلس

تشير الإستطلاعات التي أجراها مركز بيروت للأبحاث قبل الأحداث الأخيرة الى إختراق سيسجل في لائحة تيار المستقبل في طرابلس ويقول سعد في هذا المجال "لن تكون النتائج في طرابلس كما كانت عليه في السابق وكل ذلك يقوم على التحالفات التي ستبنى، خصوصاً أن الإستطلاعات الأخيرة كشفت أن مناصري الرئيس نجيب ميقاتي صوتوا عام 2005 لصالح لائحة تيار المستقبل". وينقل سعد عن مصادر طرابلسية مطلعة ومواكبة لحركة التحالفات التي بدأت تنسج من اليوم في عاصمة الشمال أن لائحة ثانية بدأت تظهر ملامحها وتتركز بشكل رئيسي على تحالف الرئيسين عمر كرامي عبر إبنه فيصل ونجيب ميقاتي. وإذا إستطاع الرئيسان كرامي وميقاتي أن يتفقا مع التكتل الطرابلسي وتحديداً الوزير محمد الصفدي على تشكيل لائحة موحّدة، ستصبح الأمور صعبة جداً على تيار المستقبل ليس للفوز في اللائحة بل للتمثّل في هذه الدائرة.

سلبيات القانون

لا يوجد مستفيد جدي من قانون 1960 الذي يمنع إقامة الدولة بحسب رئيس مركز بيروت للأبحاث لأن لبنان كله سيخسر في إعتماده. فسيادة الدولة بحسب سعد يجب ان تأتي من الشعب وفي لبنان ليس هناك من تطبيق لهذا المبدأ إلا في مؤسسة الجيش اللبناني. كذلك يُبقي هذا القانون على الواقع اللبناني الراهن ويُرسي مبادئ التخلف السياسي إذا لم يسعى الجميع الى تغييره في الدورة القادمة أي في البرلمان الجديد.ويؤكد سعد أن هذا القانون لا يؤمن صحة التمثيل وأن طموحه كمواطن لبناني يكمن في إعتماد نظام النسبية على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة لأن بناء الدولة والوطن لن يكون يوماً في النظام الأكثري الذي ينتج عدالة منقوصة بل في النظام النسبي.

وأبدى سعد اسفه لعدم طرح المعارضة، وتحديداً التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، نظام النسبية في شكل جدي في مؤتمر الدوحة، إلا بطريقة خجولة نوعاً ما مشدداً على الفارق بين بين طرح القانون وتبنيه. وتمنى أن تدرج المعارضة على برنامجها الإنتخابي المقبل قانون النسبية كبند أول.